نحن قوم أعزَّنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزَّة في غيره أذلَّنا الله — كلمات عمر بن الخطاب رضي الله عنه تُلخِّص حقيقةً تاريخيةً غُيِّبت عمدًا: أنَّ الحضارة الإسلامية كانت منارةَ العلم التي استمدَّ منها الغربُ أسسَ نهضته. فلماذا يُدرَّس نيوتن وغاليليو في مناهجنا، بينما يُنسى ابن الهيثم الذي سبقهم بقرون؟

يُعدّ الحسن بن الهيثم (965-1040م)، المعروف في الغرب باسم Alhazen، أحد أعظم العلماء في التاريخ، ورائدًا في علم البصريات والمنهج العلمي. وُلد في البصرة وأمضى حياته في بغداد والقاهرة، حيث غيّر مسار العلوم بإسهاماته الخالدة.

يُلقَّب بـأبي البصريات بفضل كتابه كتاب المناظر، الذي وضع فيه أسس علم البصريات الحديث. فقد أثبت أن الضوء يسير في خطوط مستقيمة، وشرح انعكاسه وانكساره بدقة علمية غير مسبوقة. كما قدّم التفسير الصحيح للرؤية، مؤكدًا أن العين تتلقى الضوء من الأجسام، وليس العكس كما كان سائدًا في عصره.

كان ابن الهيثم أول من طبّق المنهج العلمي القائم على التجربة والملاحظة قبل غاليليو بستة قرون. قولته الشهيرة: "من طلب الحقيقة فليبدأ بالشك" أصبحت أساسًا للبحث العلمي.

عند المقارنة مع علماء الغرب، نجد أن غاليليو اعتمد على أعمال ابن الهيثم في تطوير التلسكوب، بينما استند نيوتن إلى تجاربه في دراسة الضوء وانكساره. أما كيبلر فقد بنى نظرياته البصرية على أبحاث ابن الهيثم.

مع ذلك، ظل تأثير ابن الهيثم خفيًا في الغرب حتى ترجمات القرن الثالث عشر، بينما أهملنا نحن تراثه في مناهجنا التعليمية.

ختامًا، إرث ابن الهيثم ليس مجرد صفحات من التاريخ، بل هو شعلة تنير طريقنا نحو استعادة الريادة العلمية. متى نعيد الاعتبار لهذا العالم العظيم الذي وضع اللبنات الأولى للعلوم الحديثة؟

Book cover
{{ book.volumeInfo.title }}
by {{ bookAuthors(book) }}
Published {{ book.volumeInfo.publishedDate }}

{{ errorMessage }}